في محاولة منهم للتخفيف من حدة الأوضاع المأساوية التي تعيشها لبنان منذ بدء العدوان الإسرائليي عليها في 12 تموز الماضي، أطلق لبنانيون عددا من النكات التي تسخر من الحرب الدموية الإسرائيلية على بلادهم والتي قتلت المئات على مدار أكثر من ثلاثة أسابيع.
ومن أحدث هذه النكات التي تعكس الصمود اللبناني وحيوية الشارع، واحدة مفادها أن الجيش الإسرائيلي اتصل بالفنانة فيروز، سائلا إياها عن موقع "جسر اللوزية" الوارد في إحدى أغنياتها ليقصفه.
وكان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري سرد لوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس نكتة مشابهة عن أن اللبنانيين عزفوا عن وضع "جسور" لدعم أسنانهم، خوفا من القصف الإسرائيلي.
بدوره، دخل لقب "أم كامل" الذي أطلقه الناس على طائرات الاستطلاع الإسرائيلية من دون طيار "M K" على خط مواجهة الخطر بالفكاهة. ففي إحدى قرى الجنوب الآمنة نسبيا تجمع الأهالي في الساحة. وفجأة بدأت طائرات الاستطلاع تحليقها، فصرخ أحدهم "أم كامل"، لتجيبه امرأة تتكنى باسم ابنها البكر كامل، من المنزل المجاور: "نعم ماذا تريد؟" فيضحك الجميع معلقين: "ننادي أم كامل في السماء فترد على الأرض". بحسب تقرير لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية كتبته سناء الجاك الاثنين 7-8-2006.
إرادة الحياة عند اللبنانيين تمزج الطرافة بمواجهة المستحيل للقدرة على الاستمرار في ظل الظروف المعيشية المتأزمة. فقد سأل رجل صديقه عن عنوان المسبح الآمن الذي يقصده رغم القصف، مستغربا اكتسابه لونا أسمر داكنا، فأجاب الصديق: "لم أذهب إلى أي مسبح ولكني أمضيت أربع ساعات تحت الشمس أنتظر دوري لأحصل على وقود لسيارتي".
ويطيب لأهالي بعلبك أن يسخروا من عملية الإنزال الإسرائيلية التي حصلت الأسبوع الماضي وأسفرت عن اختطاف خمسة من سكان المدينة، فيرددون بأنهم توجهوا إلى المروحيات ليستقلوها في نزهة جوية، واعترضوا على ضيق مقصوراتها التي لا تتسع لهم، معتبرين أن الخدمات السياحية للإسرائيليين سيئة.
بجوار النكات، وجدت الأساطير طريقها إلى حكايات الشارع اللبناني، لا سيما في معرض الإشارة إلى بطولة مقاتلي المقاومة. فالبعض يردد أن أحد هؤلاء المقاتلين كان في حمأة المعركة يسدد رصاصه إلى الجنود الإسرائيليين عندما فرغت بندقيته من الذخيرة، ليفاجأ بها ملقمة بقدرة قادر. أو أن مقاتلا آخر وجد نفسه محاصرا تحت نيران العدو، لتنشله معجزة إلهية من موقعه وتضعه في مكان آمن.
وأصدق تعبير عن الأسطورة التي ترافق الحرب على لبنان، هو ما قاله لإحدى المحطات التلفزيونية الجندي الإسرائيلي الذي نقل إلى أحد مستشفيات لندن ليعالج من صدمة نفسية، سببتها له المواجهات العنيفة مع الحزب. فقد قال هذا الجندي إنه كان يشاهد مقاتلين من دون رؤوس يهجمون عليه، كما كان يطلق النار على مقاتلي الحزب، فيخترقهم الرصاص ولا يسقطون.